وقال الرب لي "إن الكارثة الحقيقية والخراب الحقيقي وما يحزنني ليس أن الجميع صاروا يعبدون رئيس العالم وسجدوا له بدلاً من أن يسجدوا لي وصاروا صورة له بدلاً من أن يصيروا صورة لي ، بل الأمر المُحزِن والمخيف والخراب الحقيقي أن أغلب الناس الذين أحبوا العالم و الأشياء التي في العالم وعبدوا رئيس العالم هم لا يدرون أنهم يعبدونه ، بل أنهم مازالوا منخدعين أنهم مسيحيين أي متوهمين أنهم مازالوا يعبدونني.. أي يطيعونني مع أن كلمة الإنجيل واضحة جداً "لا يستطيع أحد أن يعبد سيدين في وقت واحد" ،
ففي الوقت الذي فيه يطيع الإنسان جسده أو ذاته أو المال أو الناس فهو في الحقيقة يعبد هؤلاء كما هو مكتوب "صِرتُمْ عبيد لآلهة ليسوا بالطبيعة آلهة" (غل4: 8)
لأن المبدأ والقاعدة هي أن الإنسان يصير عبداً للشيء الذي يطيعه ، فعندما أطاع آدم جسده .. هو أعلن عبادته لجسده لهذا كان لا يمكن أن يبقى في بيتي لأنه رفض عبادتي بعدم طاعته لي. أي أنتم ينقصكم النور لتدركوا وتروا بأنفسكم أنكم لا تعبدونني الآن ،
فانظروا لكل الوصايا وليمتحن كل إنسان نفسه ويرى هل هو يعبدني أي يُطيعني في كل الوصايا أَمْ لا؟!! وبهذا تعرفون إن كنتم تعبدونني أمْ لا.
فمَن لا يسلك كما سلكت أنا حتى لو كان راعي الرعاة فهو ليس ابني ولا حتى عبدي ، أي ليس مسيحياً ، ومَن لا يعيش الإنجيل أيضاً ويطيع كل كلمة تخرج من فمي هو رفض عبادتي وأعلن أنه له إله آخر.. فأنا لم أطرد آدم لأنه فعل أي شيء سلبي بل فقط لعدم إطاعتي في وصية صغيرة جداً ، فانظروا أنتم الآن ، وبالأخص وبالأحرى جداً الرعاة ، انظروا كَمْ من الوصايا لا يطيعونني فيها وبهذا يعرفون إن كانوا يعبدونني أمْ لا .. فويلٌ وكل الويل لمَن تأتي من قبله العثرات ، فاحكموا على أنفسكم قبل فوات الأوان. فإن كنت أنا حزيناً على جميع الذين لا يطيعونني الآن فأنا حزيناً بالأولى جداً على الرعاة الذين كانوا بالأحرى جداً ينبغي أن يصيروا قدوة وصورة لي ومثالي ، فهذا هو الهدف الذي خلقتكم من أجله. أليس مكتوباً "إن كنت أتكلم بألسنة الناس والملائكة ، وكان لي كل الإيمان حتى أنقل الجبال وكانت لي نبوَّة واعلم جميع الأسرار وكل علم ، وقدَّمت جسدي حتى احترق ... ولكن ليست لي محبة .... فقد صرت نحاساً يطن أو صنجاً يرن ". لأن أي راعي أعطيته موهبة اللسان أو الشفاء ليس معنى هذا أنه ممتلئ من الروح ولكن هذه عطية ، فإن كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم "إننا صنعنا قوات وعجائب" وسأخبرهم إني لا أعرفهم بل ستكون دينونتهم أكبر بكثير ، فأي راعي مهما كانت رتبته إن لم يشعر بالخاطئ ويسعى لخلاصه ببكاء وإن لم يشعر بأي فقير ويشعر بجوعه أو بمرضه ويشعر أنه أخوه وأخته وأمه .. فهو لا يسلك بالروح بعد أي يسلك بالجسد ومكتوب "إن عِشتُم حسب الجسد ستموتون"، والأهم من هذا أنه لم يطيعني أي رفض عبادتي أي ليس مسيحي على الإطلاق ولا يهودي. "فأنتم عبيد للذي تطيعونه". ألم تقرؤوا المكتوب "الصديق يراعي نفس بهيمته"(أم 12: 10)...؟!! لأنه "إن كانت شركة ما كان يجب أن تكون في الروح ومن أحشاء ورأفة " (في2: 1).. ألم تقرؤوا كلامي "تمموا فرحي حتى تفتكروا فكراً واحداً وتكون لكم محبة واحدة ، بحس واحد ، مفتكرين شيئاً واحداً لا شيء بتحزُّب أو بِعُجب بل بتواضع ، غير ناظرين كل واحد ما هو لنفسه بل ما هو للآخرين"؟!! فأين الأحشاء والرأفة التي طالبتكم بها؟! فإن كنت قد طالبتكم أن تشفقوا على البهيمة ، فماذا تعتقدون كان يجب أن تكون معاملتكم بعضكم لبعض ، فمكتوب "لتكن محبتكم بعضكم لبعض شديدة" ، وكل الناموس في كلمة واحدة يَكمُلْ (غل5: 14) أي أن هذه الكلمة هي التي بدونها سيكون الناموس ناقصاً ... وهي " تحب قريبك كنفسك" أي مثلما تحب نفسك تماماً فإن كل وصاياي كان بالأحرى وبالأولى جداً جداً أن يعيشها كل راعي أي أن تكون لديه المحبة أو الشفقة على الخاطئ والفقير والمريض ، وكان يجب أن يسلك تماماً كما سلكت أنا بالصوم والصلاة لأن الراعي كان يجب أن يكون صورة للراعي الحقيقي وهو أنا ، وإلا لماذا قَبِلَ أن يكون راعياً؟!! ألم يعرف كل راعي هذا الأمر؟!! فليسأل كل راعي نفسه: هل هو صورة لي ومثالي؟! أمْ لا؟! وليحكم بالحق تجاه نفسه.. وليته يكون صادقاً مع نفسه ولو مرة واحدة قبل أن تنتهي الفرصة ويقف أمام كرسي الدينونة" ...