ابونا فلتاؤس ومصنع الشمع ( قصص فى الاتصاع)


(2) الاتضاع
ان القلب المتواضع هو مسكن لحلول الله
ان اتضاع ابينا القمص فلتاؤس جعله صورة حية لربنا يسوع المسيح الذي قال تعلموا مني لاني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم ( مت 11 : 29 )
ان المواهب العظيمة الفائقة التى اعطيت لابينا القمص فلتاؤس ماهي الا ثمرة لفضيلة الاتضاع الحقيقي الذي عاشه لان تلك المواهب  لاتعطي الا للمتواضعين الذين باتضاعهم يستطيعون ان يحافظوا عليها من الضربات اليمينية او ضربات العدو .
كثيرا مانجده يقابل الاهانات والتحقيرات بابتسامة رقيقة او كلمة اعتذار متضعة او القاء اللوم على نفسه وهذا ما كان يحول قساوتهم وعنفهم الى وداعة وخجل مما لفظوا به
لم يكن احتمال ابينا القمص فلتاؤس للاهانة والمحقرة علامة على اتضاعه الحقيقى فقط انما كان رفضة قبول الكرامة والمديح دليلً قوياً على اتضاعه لان قبول الكرامة والمديح اصعب من قبول المحقرة والاهانة فالاباء الرهبان حينما كانوا يقدمون له التوقير والاحترام لكبر سنه وقدم رهبانيته بالنسبة اليهم ويقولون له يا ابانا انت الكبير فكان يرد عليهم فى اتضاع الكبير فى الدوار اى ان الثور او الحمار الموجود فى الوار اقدم منه او اكبر منه انه نوع من الاتضاع عاشه ابونا فلتاؤس حتى لا يتكبر او يعشر انه افضل من اولاده الرهبان فى الدير

ما اسهل على الانسان المتضع ان يعتذر لغيره اما المتكبر فلا يستطيع ان يقدم اعتذاراً بل غالباً ما ياتي بحجج او اسباب يعلق  عليها اخطاءه فكثيراً ما كنا نسمع ابانا القمص فلتاؤس يقدم اعتذاراً لاى احد مهما كان حتى لو كان هذا الراهب اصغر منه فى العمر وفى الرهبنة فما اسهل الاعتذار بالنسبة له وهذا يبرهن على اتضاعه الداخلي العميق ونورد هنا قصة حقيقية حدثت مع احد الاباء الرهبان الذين هم اقل منه فى العمر وفى الحياة الرهبانية 
** كان يعمل فى مصنع الشمع بدير السريان احد الاباء الرهبان وكان الدير يعين له عامل للعمل معه فى مصنع الشمع وينتدب هذا العامل يومي الجمعه والاحد ليعمل على الباب الموجود بين دير السريان ودير الانبا بيشوي والذي يفتح فقط يوم الجمعه ويوم الاحد حتى يذهب منه الى العيادة فى دير الانبا بيشوي كل من يرغب من رهبان دير السريان ان يذهب الى العيادة وكان هذا البابا قريبا من قلاية ابينا فلتاؤس
بعد فترة سافر عامل الشمع وطلب الراهب المسئول عن مصنع الشمع من الراهب المسئول عن توزيع العمال ان يعطيه عاملا بدلا من العامل الذى سافر فاشار اليه الراهب المسئول عن العمال عن وجود عامل قوي وشديد يعمل على البوابة التى بين الديرين ويمكن ان ياخذه طوال الاسبوع ما عدا الجمعة والاحد
ذهب الراهب المسئول عن الشمع ليكلم العامل عند البوابة بين الديرين فصادف عند ذهابه ابانا القمص فلتاؤس يجلس فى القناية تحت شجرة فسأل ابونا فلتاؤس الراهب انت رايح فين ؟ فاجابه انه ذاهب ليكلم العامل الواقف على البوابة بين الديرين ليعمل معه فى الشمع ولكن ابونا فلتاؤس رفض ان يذهب الراهب ويكلم العامل حاول الراهب ان يقنعه انه سوف يعمل معه فى الشمع طوال الاسبوع ماعدا الجمعة والاحد ولكن لم تجد المحاولات مع ابينا فلتؤس فى النهاية مضي الراهب وهو متضايق وذهب فى طريقه ليتمشى فى الجبل ولم يكلم العامل .
وعندما رجع الراهب الى قلايته بعد اكثر من ساعتين وقد اقتربت الساعه من التاسعة مساءا وجدا ابانا القمص فلتاؤس جالسا على كرسي امام باب قلايته وما ان راه القمص فلتاؤس حتى قال له انت فين ياخويا انا قاعد مستنيك من الساعة 7 والساعه دلوقتى 9 انا جاي اعتزر لك واقول لك اخطأت انا حمار انا اخطات ياخويا معلشي انا مش عارف عملت كدة ليه واصر ابونا فلتاؤس ان لا يضع اى شىء فى فمه او يشرب من عند الراهب اى مشروب الا عندما يقول له الله يحاللك  ولما رأى الراهب اصراره وعدم مضيه من قلايته  الاعندما يسمع من فمه كلمه الله يحاللك خضع الراهب لرغبة ابينا القمص فلتاؤس بعدها مضؤ ابونا فلتاؤس الى قلايته .
وامام هذه القصة نقف منبهرين من اتضاع هذا الرجل العجيب الذي يذهب وهو فى سن السبعين من عمره الى راهب من اولاده لا يتجاوز عمره الخامسة والثلاثين كذلك كان عمره الرهباني اكثر من خمسين سنه بينما كان الراهب لا يتجاوز عمره الرهباني سبع سنوات

يعتذر لاى حد :-
اعتاد ابونا القمص فلتاؤس ان يعتذر لاي راهب ايا كان طالما عرف ان هناك راهباً غاضباً منه او فى قلبه شىء ماتجاهه او عمل هو معه موقف اغضبه اإنه يذهب سريعاً فى نفس اليوم قبل ان تغرب الشمس

** قبل انه فى احد الايام اختلف ابونا فلتاؤس مع احد الاباء الشيوخ فى شىء ما وفى وقت الغروب خرج ابونا فلتاؤس ليمشي امام قلاية هذا الشيخ وفى هذا الوقت كان هذا الاب الشيخ يجلس خارج قلايته وقت الغروب ولما راى الاب الشيخ ان ابانا فلتاؤس يحوم مرات كثيرة امامه نادى عليه وتعاتبا معاً وانتهي الامر .

** ذات مرة اجتمع مجمع للحكم على احد الرهبان ونودى على ابينا فلتاؤس لحضور المجمع ولما طلب منه ان يوقع على الححكم رفض وقال اننى اصلى دائما صلاة الصلح فالله يدعونا ان نتصالح لا ان احكم على احد وانصرف من المجمع ولم يقبل ان يحكم على احد

** قد تعرض احد الاباء من رهبان الدير لحادث سيارة مما أدي إلى تعرضه لاصابات بالغة في رجله وعندما علم ابونا فلتاؤس بما حدث لذلك الراهب ذهب اليه فى قلايته ليزوره ويطمئن عليه ثم طلب منه ان يريه رجله المصابة وما ان فعل ذلك الاب الراهب حتى فؤجيء الجميع بابينا فلتاؤس وقد انحنى يقبل تلك الرجل المصابة دون ادني تردد او تأفف .

** مرة اخرى جاء احد الاباء الرهبان ضيوف لديهم مشكلة ما وعرضوها عليه فاقترح عليهم ان يذهب بعضهم معه الى ابينا القمص فلتاؤس لكي يصلى لهم وفعلا ذهبوا الى ابينا القمص فلتاؤس فى قلايته وعندما طلب منه ذلك الراهب ان يصلي لهم من اجل مشكلتهم فؤجي الجميع برفض ابينا فلتاؤس ان يصلي لهم وعلى مايبدوا انه كلمهم بحدة نوعا ما مما جعل الاب المراهف لهم يتدخل فى الحديث وهو يقول خلاص يا ابونا ماتصليلهموش بس انا مش مسامحك .. مش مسامحك وانصرف ذلك الراهب غاضياً واعتذر للضيوف وصرفهم وذهب هو الى قلايته متضايقاَ وماهؤ الا ساعه او اكثر بقليل واذا بذلك الراهب يفاجأ بطرق على باب قلايته فيفتح ليجد ابانا القمص فلتاؤس وقد جاء بنفسه ليعتذر له واخذ يقول له سامحني ياخويا سامحني ياخويا ارجوك سامحني
فما كان من ذلك الراهب الا ان خجل جدا من اتضاع ابينا القمص فلتاؤس واخذ هو يعتذر ويقول له انت سامحني يا ابونا انى اتنرفزت عليك وكلمتك كده حاللنى يابونا فلتاؤس حاللني .

** اثناء الاحتفال باليوبيل الذهبي كانت هناك صورة لابينا القمص فلتاؤس معلقه خلف المنصة التى يجلس عليها قداسة البابا وعندما لفت احد الاباء نظر الى الصورة معلقاً انها صورة جميلة فاجابه ابونا فلتاؤس بقوله ده خنزير بري ياخويا خنزير بري فى دير السريان  ووما زاد الموقف خجلا ان ابانا القمص فلتاؤس طلب منه بالحاح ان يعطي له قلماً ليكتب تلك العبارة على صورته


** ومن اتضاع ابينا فلتاؤس انه كلما تقابل مع الراهب المسئول عن الدوار كان يسألة انت عندك كام حمار فى الدوار ياخويا . فيحاول الراهب التهرب من الاجابة لانه كان يعرف ماسيقوله له ابونا فلتاؤس فاذا قال له اثنين يقول له ابونا فلتاؤس انا تالتهم ياخويا خدنى اربطني معاهم وهكذا كان ابونا فلتاؤس يحقر نفسه عن اتضاع حقيقي .

** فى فترة مرضه الاخير عندما لازم الفراش بقلايته فكان احد الاباء الرهبان يقوم باحضار المناولة له كل اسبوع فى قلايته ومن المعروف طقسياً ان الكاهن عندما يناول كاهن مثله فهو يضع الجوهرة على المستير ( الملعقة ) ومن ثم يأخذ الكاهن المستير بالجوهرة التى عليه ويناول نفسه اما ابونا فلتاؤس فكان يأخذ المستير  ويخفيه وراء ظهره ويطلب من ذلك الاب الحل ويصر على ان  يسمع بأذنيه عباره الله يحاللك يا ابونا فلتاؤس مع ان ذلك الراهب اصغر منه بكثير جدا سناً ورهبنة