ابونا فلتاؤس ومحاربة الشيطان له فى مأكله ومشربه


     ان الايام الاولى فى الدير وفى الرهبنة لا طابع خص وتترك اثاراً فى نفسيه وذاكرة الراهب لا يمحوها الزمن وعلى مايبدوا ان ابانا القمص فلتاؤس السرياني اختبر ذلك فبعد ان استقر فى قلايته المنفرده بالجنينة الخارجية للدير الا انه على مايبدو كان يحن لايام الحصن الاثرى حينما سكن هناك عدة سنوات بعد رهبنته بقليل كما ذكرنا وكم كانت هذه السنوات القلائل حافلة بالجهاد والحروب والنصرة والاختبارات الروحية العميقة لذلك اعتاد لفترة طويلة انه فى ليالى اعياد الميلاد والغطاس والقيامة وبعد قداس العيد يصعد الى الحصن ليبيت فى قلايته التى سكن فيها قديما وكانه يستعيد ذكريات تلك الايام الاولى المجيدة وفى احدي المرات وقبل بدء القداس طلب من احد الاباء الرهبان ان يملا له البرطمان الزجاج الذى يشرب منه ماء حتى علامة معينة فيه هو محددها .فاخذ ذلك الراهب البرطمان وملأه ماء لاخره لانه قال ربما يحتاج ابونا ان يشرب اكثر واعاده الى ابينا القمص فلتاؤس فلما راه ابونا فلتاؤس قال له لا ياخويا فضى الميا الزيادة دى وخليها لحد العلامة بس علشان لما الملاعين يعملوا حاجه فى المية ابقى عارف اصلهم بيتعبونى ياخويا حتي فى شوية المية اللى بشربهم فمضى الراهب وفعل كما طلب منه ابونا فلتاؤس وهو متعجب من ذلك لقد كانوا خزاهم الله عنا يحاربونه حتى فى مأكله ومشربه ولكنه هو بايمانه وجهاده واحتماله كان ينتصر عليهم .