ابونا فلتاؤس وقوة الصليب العجيبة


** كما انه حكي لنا كيف ان الشياطين الاردياء – خزاهم الله – كانوا يعاكسونه ويضايقونه بتصرفاتهم اذ كانوا مثلا يطفشون له اللمبه الجاز التى يقرأ ويصلى على ضوئها او يوقعون له الشمع الذى كان يستخدمه بل واحياناً كثيرة كانوا يظهرون له علانية بأشكالهم القبيحة ويزعجونه بأصواتهم العالية . أما هو فكان لا ينزعج او يضطرب بل ينتصب للصلاة وبنعمه الله وبقوة الصليب يطردهم عنه فيذهبون وهو يتوعدونه بالرجوع ومواصلة القتال ولكنه كان له ايمان قوى بالله ويزداد اصراراً وعزيمة على مواصلة جهاده .

** نقطة اخيرة نود ان نختم بها هذه الجزئية وهى ان التدبير الروحاني العالي الذي سلكه ابونا القمص فلتاؤس السرياني فى الحصن اهله لنعم وبركات متعددة ذكرها القديس مكاريوس الكبير عندما قال ( أن النفوس التى تحب الرب حبا حارا لا ينطفي فانها تتأهل للحياة الابدية وتحسب اهلا للتحرر من الاهواء الشريرة وتنال نور الروح القدس وحضوره الفائق الوصف وتصير معه فى شركة سرية فى ملء النعمة )
كذلك فى حياة الصلاة الدائمة التى تدرب عليها ابونا القمص فلتاؤس السرياني فتره وجوده فى الحصن وايضا جهاداته النسكية الاخرى وصموده امام محاربات الشياطين وشظف العيش فى ذلك المكان الموحش كل ذلك أهله لان يحيا فى وجود دائم فى الحضرة الالهية فأينما تراه تلاحظ شفتاه وهما تتحركان وتتمتمان بالمزامير والصلوات واذا رأيته جالساً بين الرهبان فليس له حديث سوى مجد الله وسير الاباء السواح القديسين او عن الرهبنة وفضائلها وحروبها .
وقد حكي لنا احد الاباء الرهبان انه كان يجلس مع احد الاباء وورد لهما خاطر ان يذهبا لابينا القمص فلتاؤس فى الحصن ويدعوانه لتناول العشاء معهم وكان ذللك فى احد السبوت وفعلا ذهبا وترددا قليلاً قبل ان يصعدا الى الحصن فى ذلك الظلام الدامس ولكنهما تشجعا وصعدا ففوجئا بأبينا القمص فلتاؤس عند البابا وكأنه واقف منتظرهما وفعلا فى بساطة ذهب معهما وتناولوا العشاء سوياً وشربوا الشاي وبدأ ذلك الراهبان يسألانه عن بعض الامور الروحية والمواضيع الرهبانية وأخذ هو يجيب على تساؤلاتهما ويعلق على ارائهما واخذهم الحديث حتى فؤجئوا جميعاً بجرس صلاة نصف الليل يدق معلناً بدء تسبحة نصف الليل . كل ذلك دون ان يشعروا بالوقت او ملل او ضجر .

ابونا فلتاؤس امتلا حتى بدأ يفيض فقد كان له من الشبع الروحي والامتلاء ما اعطاه من امكانية الحديث عن الله ومجده والسماء والقديسين لفترات طويلة تصل الى ساعات دون توقف وهو فى ملء النشاط والفرح